كلمة السيد المدير العام في افتتاح أعمال اليوم التحسيسي

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على النبي الكريم

أيها السيدات والسادة،

الجمع الكريم؛

بدء أرحب بكم في مقر مكتب تسيير الممتلكات المجمدة والمحجوزة والمصادرة وتحصيل الأصول الجنائية وفي إطار هذا اليوم التحسيسي مثمنا حضوركم وتلبيتكم لدعوتنا.

الجمع الكريم؛

يشكل الفساد أحد الآفات التي تعاني منها الدولة الحديثة في جميع أنحاء العالم، لاسيما في دول العالم الثالث وفي قارتنا الإفريقية التي تخسر عشرات المليارات من الدولار سنويا بسبب تدفقات عائدات الفساد والجريمة المنظمة.

المنصة

وتسعى دول العالم للوقوف في وجه هذه الظاهرة وقمعها مستخدمة في ذلك مختلف الآليات القانونية والمؤسسية. وقد كانت بلادنا من بين أوائل الدول المصادقة على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد والتي تُرجمت إلى قانون لمكافحة الفساد صدر سنة 2016. كما تضم الترسانة التشريعية لمكافحة الفساد نصوصا أخرى من بينها قانون الشفافية في الحياة العامة الصادر سنة 2007 وقانون مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب الصادر سنة 2019.

على الصعيد المؤسسي تتوفر موريتانيا على مؤسسات للرقابة والتفتيش تضم على وجه الخصوص محكمة الحسابات والمفتشية العامة للدولة والمفتشية العامة للمالية. فضلا عن الجانب القضائي الذي يشمل أقطاب قضائية متخصصة في مكافحة الفساد ونيابة عامة مختصة بمكافحة جرائم الفساد تسندها أجهزة إنفاذ قانون متخصصة كذلك.

كما وضعت الحكومة، مؤخرا، استراتيجية جديدة لمكافحة الفساد في أفق 2030 تسعى إلى استعادة الشفافية وتطوير النزاهة، وخلق بيئة معادية للفساد، وحماية القطاعات الأكثر تعرضا للفساد، هذا فضلا عن إشراك وتقوية الجهات الفاعلة بما فيها هيئات المجتمع المدني،

الحضور الكرام،

إن من بين هذه المفاهيم المبتكرة في مكافحة الفساد والجريمة المنظمة النهج القائم على استرداد الأموال المنهوبة. وهو نهج يعتمد على بحث سلطات إنفاذ القانون والسلطات القضائية عن المحرك الحقيقي للجريمة، أي الأموال التي تدرها. ويشكل تحديد الأصول الناتجة عن الأنشطة الإجرامية وضبطها ومصادرتها بعداً أساسياً لهذا النهج.

من هنا؛ جاء إنشاء مكتب تسيير الممتلكات المجمدة والمحجوزة والمصادرة وتحصيل الأصول الجنائية الذي يتشرف اليوم باستقبالكم.

المكتب تأسس بموجب المرسوم رقم 127/2017 المعدل بالمرسومين 066/2019 و006/2020. وقد عُهد إليه بتحصيل وإدارة كافة الممتلكات المجمدة المحجوزة والمصادرة والمحصّلة في إطار المساطر الجزائية مهما كانت طبيعتها أو قيمتها. كما ينسّق عمل الأجهزة الوطنية في هذا المجال، وهو مكلف كذلك بربط علاقات تعاون مع المؤسسات المماثلة في الخارج، وفي إطار ممارسة مهامه يمكن للمكتب أن يحصل على المعلومات من كل شخص طبيعي أو معنوي ولا يمكن مواجهته بالسر المهني.

وله أن يجري أي نشاط إعلامي وتحسيسي للتعريف بنشاطه، وترقية الممارسات المتعلقة باسترداد الأصول الجنائية.

 

السيدات والسادة،

إن نجاح جهود استرداد الأموال المتأتية من مصادر غير مشروعة يستدعى مستوى عالٍ من التنسيق وتضافر الجهود من أجل التغلب على الصعوبات التي تعترض إعادة هذه الأموال لمستحقيها وإدارتها بطريقة فعّالة.

وهكذا يمكن لمنظمات المجتمع المدني أن تلعب دورا حيويا في مكافحة الفساد وبشكل خاص استرداد الأموال المنهوبة، لما تضطلع به من دور   هام في هذا المجال.

 فمشاركتها مفيدة في تعزيز الشفافية والمساءلة والمشاركة العامة في جهود استرداد الموجودات.

حيث يمكن لمنظمات المجتمع المدني زيادة الوعي حول أهمية استرداد الأصول الإجرامية والدعوة إلى أطر قانونية قوية وآليات مؤسسية. كما يمكنهم الدفاع عن السياسات التي تعطي الأولوية لاسترداد الممتلكات المنهوبة، والدفع نحو سن وتنفيذ تشريعات قوية لمكافحة الفساد، والمشاركة في حملات التوعية العامة حول تأثير الأنشطة الإجرامية تنمية البلد وتوفير الخدمات للمواطنين مما سيسمح بزيادة الوعي حول دور استرداد الأصول في مكافحة الجريمة المنظمة والفساد والتدفقات المالية غير المشروعة.

كما يمكنها مؤازرة الأجهزة الحكومية المختصة في تتبع وكشف عمليات الفساد والمطالبة باسترداد الأموال المنهوبة وتحفيز جهود مكافحة الفساد على الأصعدة المختلفة.

وتوفر التشريعات الوطنية الحماية للمبلغين عن جرائم الفساد والشهود وتمنح الحماية لهم ولأقاربهم وتجرم عمليات أعمال الانتقام والترهيب والتهديد ضدهم.

السادة والسيدات؛

في هذا السياق يندرج هذا اليوم التحسيسي الذي يسعى لتقاسم معلومات مهمة مع منظمات المدني حول جوانب ترتبط بمكافحة الفساد بشكل عام وصولا إلى تعريف الأموال المنهوبة والآليات الوطنية لاستردادها والآليات الوطنية للاسترداد والدور الذي يمكن لمنظمات المجتمع المدني أن تلعبه على هذا الصعيد.

وختاما أجدد الترحيب بكم وأشكركم على تلبية الدعودة.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته